تفاصيل الفتوى

اجابات برنامج المدارسة العلمية للشيخ عبدالقادر عطا صوفي - الجزء الثاني - الاسبوع السابع- مفرغة

 

 

 

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

س 1: هل أسماء الله تعالى منحصرة في تسعة وتسعين اسما؟

أسماء الله تبارك وتعالى هي الأسماء التي سمى بها نفسه سبحانه وتعالى،وهذه الأسماء التي سمى بها نفسه جل وعلاتدل على ذاته وصفاته سبحانه بخلاف أسمائنا نحن فإن أسمائنا تدل على ذاتنا فقط،فقديسمى الرجل محمداً وهو من أشد الناس ذماً،وقديسمى عبد الله وهو من أفجر عبادالله،أما أسماء الله تعالى فإنها أسماء متضمنة لأوصاف، وهذه الأسماء غير محصورة بعدد معين يعلمه العباد،دلعلى ذلك حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنهوفيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك،ناصيتي بيدك ماض فيّ حكمك عدل في قضاؤك،أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسكأوعلمته أحدا من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي...)إلى آخر الحديث،ففي هذا الحديث جعل النبي صلى الله عليه وسلمأسماء الله تعالى التي سمى بها نفسه ثلاثة أقسام: أسماء أنزلها في كتابه،أسماء علمها بعض خلقه، أسماء استأثربعلمها فلم يُطلع عليها أحدا من خلقه،فهي من الغيب الذى لا يعلمه إلا هو،وما كان من الغيب فهو غير معلوم لنا،وما كان غيرمعلوم لنا فهو غير محصور،فالحديث فُهِم منهأن أسماء الله تعالى غير محصورة، ودل على أن الأسماء غير محصورة حديث أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم  كان يقول في سجوده:(اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذبك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك...) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، فالله تعالى يُثنَى عليه سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يحصي ثناء على الله لأنه لايحصي أسمائه وصفاته التي يثنى عليه بها،فلو أحصاها لأحصى الثناء عليه،وكذا حديث الشفاعة المخرّج في الصحيحين،وفيه قوله صلى الله عليه وسلم(فأحمده بمحامد لا أقدر عليها الآن) وعلينا أن نعلم أنه لا يتعارض قوله صلى الله عليه وسلم(إن لله تسعة وتسعين اسما...)مع الأحاديث السابقة التي ذكرتها، فالمراد من قولهعليه الصلاة والسلام (إن لله تسعة وتسعين اسما...)المراد منه أن لله أسماء كثيرةمن أحصى منها تسعة وتسعين اسما فهو موعود بدخول الجنة، فالحديث خرج مخرج الأخبار بفضل إحصاء هذا العدد من أسماء الله تعالى، ولم يخرج مخرج الإخبار بحصر أسماء الله بهذا العدد، وهذا كقول القائل إنلفلان تسعة وتسعين درهما أعدها للصدقة،فلا ينافى هذا الأسلوب ألا يكون له غيرها، والله تعالى أعلم.

س 2 :ماهو الضابط في أسماء الله تعالى التي لا يجوز التسمي ولا التكني بها؟

لله تعالى أسماء تختص به سبحانه لايسمى بها غيره، وإن سمي به وجب تغييره، الله تبارك وتعالى له أسماء سبحانه لايشركه فيها غيره ولاند له فيها ولا نظير ولا سمي ولا مثيل، منها ما أُريد به واحد بعينه، فقد سماه ابن عقيق في شرحه على ألفية بن مالك (علم شخص) قال: هو العلم الذي يراد به واحد بعينه، وهناك أسماء لله تعالى لا يصح تسمية غيره تبارك وتعالى به مثلالله، الرحمن، الخالق، الأحد، الصمد، رب العالمين، وما أشبه ذلك من الأسماء فهذه يختص بها مطلقا سبحانه وتعالى فيمتنع تسمية المخلوقيين بها، وهناك أسماء يجوز تسمية المخلوقين بها بشرط أن تكون التسمية على الوجه الذي يختص به المخلوق، والله تعالى أعلم.

س 3 : من هو أبوشريح المذكور في الحديث؟ 

أنت تشير إلى الحديث الذيأخرجه أبو داودفي السنن والنسائي في السنن وغيرهما، عن يزيد ابن المقدام بن شريح عن أبيه عن جدهشريح عن أبيه هانئأنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلممع قومه سمعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يكنونه بأبي الحكم فدعاه عليه الصلاة والسلام فقال: (إن الله هو الحكم وإليه الحكم فلم تكنى أبا الحكم؟فقال:إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا حسن، فمالك من الولد؟ قال:لي شريح ومسلم وعبدالله، قال: فمن أكبرهم؟قال شريح، قال: فأنت أبو شريح،أبو شريح هذا هو الصحابي هانئ بن يزيد بن نهيك النخعي الكوفي، كناه النبي صلى الله عليه وسلم بأبي شريح وهو اسم ولده الأكبر، والله تعالى أعلم.

س 4 : أريد توضيح العبارة التي وردت في كلام الشارح: الناتج للناقة كالقابلة للمرأة.

القابلة للمرأة أي التي تتولى ولادتها يعني تقوم بساعدتها على الولادةهذه يقال لها قابلة، والناتج للناقة هي التي تتولى نتاجها أيأنها تساعدها على وضع ولدها فهما بمعنى واحد،لكن الناتج تستخدم للحيوان والقابلة تستخدم للإنسان لذلك قال (ك) استخدم الكاف للتشبيه فقال: الناتج للناقة كالقابلة للمرأة,والله تعالى أعلم.

س 5 : هل يصح أن نقول أن من أسماء الله تعالى ( المنتقم)كما في حديث الإدراج الذي عقِب قوله صلى الله عليه وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسما )؟

معنى الانتقام على الإطلاق فيه كمال ونقص، وماكان كذلك لايسمى الله تعالى به،بل أسماؤه تبارك وتقدس تدل على الكمال المطلق ولا نقص فيها بوجه من الوجوه، ولم يأت الانتقام في حق الله تعالى إلا مقيداكما في قوله سبحانه: (إن الله عزيز ذوانتقام)وقوله جل وعلا:(إنا من المجرمين منتقمون)فلا يؤخذ اسم لله تعالى من ذلك، والعلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله تعالىذكر الحديث المدرج الذى أشرت اليه وبين أن تعداد الأسماء إدراج من بعض الرواة وأن المنتقم ليس مماثبت في الحديث،ليس من أسماء الله الحسنى، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالىفي مجموع الفتاوى: واسم المنتقم ليس من أسماءالله الحسنى الثابتة عن النبيصلى الله عليه وسلم، وإنما جاء في القران الكريم مقيدا كقوله تعالى: (إنا من المجرمين منتقمون)وقوله:(إن الله عزيز ذو انتقام)والحديث الذي في عدد الأسماء الحسنى الذى يذكر فيه المنتقم ليس هو عند أهل المعرفة بالحديث من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، بل هذا ذكره الوليدبن مسلم عن سيد بن عبد العزيز أو بعض شيوخه، ولهذا لم يروه أحد من أهل الكتب المشهورة إلا الترمذي رواه عن طريق الوليد بن مسلم بسياق,ورواه غيره باختلاف، والله تعالى أعلم.

س 6 :ما صحة حديث تعداد أسماء الله الحسنى الذي قال عنه الترمذي رحمه الله : هذا حديث غريب ؟

الترمذي عندما خرّج هذا الحديث وفيه ذكر الأسماء قال: هذا حديث غريب، وعندما روى هذا الحديث قال: وليس فيه ذكر الأسماء قال: هذا حديث حسن صحيح،والصحيح أنالحديث بسرد الأسماء وتعدادها لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس من قول الصحابي أبي هريرة رضي الله تعالى عنه،روي الحديث من غير وجه وليس له إسناد صحيح أقصد الحديث الذي فيه ذكر الأسماءروي من غير وجه وليس له إسناد صحيح، أما بالنسبة لما وقع عند الترمذي رحمه الله تعالى فهو إدراج من قِبَل بعض رواة الحديث، بعض رواة الحديثأدرج هذه الأسماء جمعها من أقوال أهل العلم ونقل ما جمعوه في هذه الأسماء،
لكن ينبغي أن نعلم أن أهل المعرفة بالحديث قد اتفقوا على أن تعداد الأسماء ليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم  وإنما هو مدرج أدرجه أحد الرواة بعد قوله صلى الله:(إن لله تسعة وتسعين اسما مئة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة) جاء بعض الرواةوأدرجوها بعد قوله، فظن أن من قرأها أنها من قوله صلى الله وليست من قوله،يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:إن التسعة والتسعين اسما لم يرد في تعينها حديث صحيح عن النبي صلى الله،وأشهر ما عند الناس فيها حديث الترمذي الذي رواه الحديث ابن مسلم عن شعيب ابن أبي حمزة، وحفاظ أهل الحديث يقولون هذه الزيادة مما جمعه الوليد ابن مسلم عن شيوخه من أهل الحديث، وقال الحافظ ابن القيم رحمه الله: الصحيح أنه أي العد أي تعداد الأسماء ليس منكلام النبي صلى الله عليه وسلم،وقال الحافظ ابن كثير رحمه تعالى: والذي عوّل عليه جماعة من الحفاظ أن سرد الاسماء في هذا الحديث مدرج فيه وإنما ذلك كما رواه الوليد ابن مسلم وعبدالملك بن محمد الصنعاني عن زهير أنه بلَغه عن غيرواحد من أهل العلم أنهم قالوا ذلك، أي أنهم جمعوها من القران واللهأعلم،وقال الصنعانيُّ: اتفق الحفاظ من أئمة الحديث أن سردها إدراج من بعض الرواة،وقلتُ لكم: هذا الحديث ضعّفه العلماء منهم الألباني رحمه الله وغيره،والله تعالى أعلم.

س 7 : لماذا استثني التسمي بعبدالمطلب ؟

التسمية بالأسماء المعبدة لغيرالله تعالى محرمة بإجماع العلماءولم يقع خلاف بينهم في ذلك، أما بالنسبة لاسم عبد المطلب فلا شك أنك تعلم أن عبدالمطلب ليس اسمه بل اسمهُ شيّبة،وكان أخواله من بني النجار، وعاش عند أخواله بالمدينة بعدما مات أبوه هاشم،فلما شب ذهب عمه المطلب إلى المدينة وأحضره، فلما وصلا إلى مكة كان حال شيبة في شعثٍ وتغيّرٍ نتيجة السفر، وكان المطلب قد أردفه وراءه على راحلته فظنوه عبداً له فنادوه عبدالمطلبفغلب اسماً عليه،والرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبر أنه ابن عبدالمطلب من باب الإخبار عندما قال:(أنا النبي لا كذب أنا ابن عبدالمطلب) كما في صحيح البخاري،فقد صرح صلى الله عليه وسلم أنه ابن عبد المطلبلكن هذا من باب الإخبار لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يُعرف لدى قومه إلا بهذا المسمى،يقول العلامّة ابن القيم رحمه الله: أما قوله أنا ابن عبد المطلب فهذا ليس من باب إنشاء التسمية بذلك وأنها هو من باب الإخبار بالاسم الذي عرف به المسمى دون غيره،والإخبار بمثل ذلك على وجه تعريف المسمى لا يَحرُم،لذلك من الصحابة من كانوا يسمون ببني عبدالدار بني عبدالأشهل بني عبدشمس ونحو ذلك، ولا ينكر الرسول صلى الله عليه وسلم لأن باب الاخبار أوسع من باب الإنشاءفيجوز فيه ما لا يجوز في الإنشاء، ويقوي ما قرره الحافظ ابن القيم رحمه الله من جواز الإخبار عن الأسماء المعبدة لغير الله تعالى ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(يا معرش قريش أو كلمة نحوها اشتروا أنفسكم لا أُغني عنكم من الله شيئا، يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس بن عبدالمطلب لا أغني عنك من الله شيئا، ويا صفية عمة رسول اللهلا أغني عنكِ من الله شيئا، ويا فاطمة بنت محمد سليني من مالي لا أغني عنكِ من الله شيئا)إذاً التسميةُ بعبدالمطلب لا تجوز، وما ورد قديما إنما أُقرّ من باب الإخبار لا من باب التسمية، فلا يجوز تسمية المولود بعبدالمطلب سواءٌ قُصد جدُّ النبي صلى الله عليه وسلم أو لا،لما في هذا الاسم من إيهام التعبيد لغير الله تعالى ولعدم تسمية أحدٍ من الصحابة أبنائه بذلك، والله تعالى أعلم.

س 8 : ماالفرق بين الصفة والنعت ؟

الصحيح أن النعت والوصف شيء واحد لافرق بينهما في المنعى، وهذا ما ذهب إليه أكثر اللغويين قالوا: إنهما لغتان لا فرق بينهما،وكذلك النحويون لا يفرقون بينهما إلا في اللفظ فنحاة البصرةِ يقولون الصفة ونحاة الكوفة يقولون النعت،لكنّ بعض الناس ذهبوا إلى التفريق بينهما واختلفوا في ذلك على عدة أقوال،قوم قالوا:إن النعت وصف الشيء بما فيه من حُسن ولا يقال في القبيح، والوصف أو الصفة تُقال في الحسن والقبيح، القول الآخر قالوا: إنالنعت ما يظهر من الصفات ويُشتهر صفة مشهورةـأما الوصف أو الصفة فهي أعم،القول الثالث قالوا: إن النعت وصف الشي بالحُلية كما تقول طويل قصير متين نحيل هذا يقال له نعت،أما الصفة فهي وصف الشي بالفعل يعني بأفعاله فتقول هذا ضارب هذا قاتل إلى آخره، القول الرابع قالوا: إن النعت ماكان خاصاً بموضع من الجسد كما تقول الأعرج الأعمى ونحو ذلك،لكن الوصف ما كان عاماً،القول الخامس قالوا: إن النعت يستعملُ فيما يتغير من الصفات،أما الصفة فإنها تستعمل فيما يتغير وفيما لا يتغير أي أنها أعم من النافلة، وهذه كلها أقوالٌ كما قلت لكنها ليست صحيحة، أما إطلاق لفظ النعوت على صفات الله تبارك تعالى يعني أن نقول عن صفاته نعوتفهذا لم يرد لا في كتابه ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم،لكن الكثير من علماء أهل اسنة استخدموا النعت في مقابل استخدموها بمعنى الصفة فأطلقوا لفظ النعوت على صفات الله تعالى،إذ لا فرق عندهم بين النعت والصفة،فمن ذلك قول الإمام البخاري رحمه الله تعالى في الصحيح:(باب ما يذكر في الذات والنعوت وأسامي الله عز وجل)يقول العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى شارحاً قول البخاري هذا الذي في الصحيح: أما النعوت فهي الأوصاف فأوصاف الله تسمى نعوتاً، فتقول مثلاً نعت الله نفسه بكذا وكذا أي وصفه،والإمام النسائي رحمه الله صنف كتاباً في صفات الله تعالى سماه (النعوت)،ومن ذلك أيضاً قول الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره عند تفسير قول الله تعالى: (ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين)قال: اختلف القرّاء في قراءة قوله تعالى (والله ربنا ما كنا مشركين) فقرأ عامة قرّاء المدينة وبعض الكوفيين والبصريين (والله ربنِّا) خفضاً على أن الرب نعتلله تعالى،إذاً سمى الصفة نعتاً، قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: ومن أعظم الأصول معرفة الإنسان بما نعت الله به نفسه من الصفات الفعلية وغير هؤلاء كثير،إذاً في النهاية أقول: التحقيق أن الصفة والنعت بمعنى واحد ولا فرق بينمها،والله تعالى أعلم.

س 9 : روي عن وكيع أنه كان يحدّث أن الله كان يجلس على العرش،وروي مثلَ ذلك عن الإمام أحمد بحديث أن الرب ضحك حتى بدت لهاته وأضراسه وأن من قال في صفات الله بخلاف ما يَقروا في قلوب العوام فهو جهميّ أليس في هذا تكيف وتشبيه ؟

هذا السؤال ليس ضمن الأبواب المقررة عليكم،وكأن في هذا السؤال تشغيباً لكن لا بأس،أما قولك روي عن وكيع أنه كان يحدث أن الله يجلس على العرش،فالذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وإجماعُ سلف الأمة أن الله تعالى يوصَف بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا نتجاوز الكتاب والسنة،واستواء الله تعالى على العرش ثابت بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة،فهم يعتقدون أنه تبارك وتعالى مستوٍ على عرشه استواء يليق بجلاله لا يماثل استواء خلقه وأنه بائن من خلقه، ومعنى الاستواء عبر عنه أهل العلم بمعان أربعة:العلو والارتفاع والصعود والاستقرار،ولابد أن أنبه إلى أن الصفات أو الألفاظ التي لم يأت الكتاب والسنة بنفيها وإثباتها لم يتعرض لها السلف لا نفياً ولا إثباتاً،والقاعدة في ذلك أن يستفصل الإنسان من قائلها فإن أراد من أثبتها معنى صحيحاً وافقناه على ذلك المعنى الصحيح ولم نوافقه على استعمال ذلك اللفظ،ولفظ الجلوس لم يأت به كتاب ولا سنة،لكن عبارة كعبارة جلوس الرب على كرسيه أو قعوده على عرشه وإن لم تصحُ بها النصوص المرفوعة لكنها حكيت عن بعض السلف، وهو لا يخرجون في معناها عن معنى استواء الرب تبارك وتعالى على عرشه،وإن كان الاكتفاء بإثبات صفة الاستواء أولى،لكن مرادهم إنما أرادوا استواء الله تعالى على عرشه بهذه المعاني التي ذكرته لك دون زيادة،أما بالنسبة لقولك الآخر ما ذكرته من أن الرب تبارك وتعالى ضحك حتى بدت دهاته وأضراسه ونسبت ذلك إلى الإمام أحمد، فإن كان الإمام أحمد قد رواه بإسناد فقد أحال ولم يتبنَ هذا الأمر، وهذا موضوع مكذوب مختلق على رسول الله صلى الله عليه وسلم،والحافظان الذهبي في الميزان وابن حجر في لسان الميزان في ترجمة عبدالعزيز بن الحارثأبي الحسن التميمي قالا فيها: من رؤساء الحنابلة وأكابر البغاددة إلا أنه آذى نفسه ووضع حديثا أو حديثين في مسند الإمام أحمد، قال ابن رزقويهالحافظ: كتبوا عليه محضراً بما فعل كتب فيه الدارقطني وغيره نسأل الله العافية والسلامة،إذًا أهل الحديث لم يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذا الحدث الجلل بل سطروا محضراً أثبتوا فيه تهمة هذا الرجل، وهذا كافٍ في ساحتهم وإبراء ذمتهم، والسلف بحمد الله لم يكونوا بلهاء لم يخطر ببالهم أو لا يستطيعون التمييز بين الحق والباطل وتفسيرهم بآيات الصفات وأحاديثها على الوجه اللائق بالله تبارك وتعالى أمر مشهورٌ معروفٌ عنهم، ومن أراد أن يشغب عليهم فلا يضر إلا نفسه،ولا يضر السحاب نبح الكلاب، والله تعالى أعلم.

س 10 :قال العلامّة ابن القيم رحمه الله فائدة جليلة: ما يجري صفة أو خبراً على الرب تبارك وتعالى أقسام، ويطلب توضيح هذه الأقسام.

ذكرالعلامة ابن القيم رحمه تعالى خمسة أقسام القسم الأول: من أسماء الله تعالى أو مما يخبر به عن الله تعالى قال: ما يرجع إلى نفس الذات كقولك ذات موجود شيءٌ،فهذا يخبر عن الله تعالى به بأنه شيءٌ وبأنه موجودٌ وبأنه ذاتٌ،ومعلوم أن ما يدخل في باب الإخبار أوسع مما يدخل في باب الأسماء والصفات،الأسماء والصفات توقيفية،لكن الإخبار لا يجب أن يكون توقيفي،القسم الثاني: قال من أسمائه تبارك وتعالى ما يرجع إلى صفات معنوية وذكر من أسمائه العليم القدير السميع،فهذه تتضمن كل اسم من هذه الأسماء يتضمن صفة معنوية صفةً ذاتية سميت معنوية لأنها اسم للمعنى العلم القدرة،فيمكن أن يقال إن ضابطها كما قال بعض أهل العلم ما يرجع إلى صفات معنوية يعني ضابط الأسماء العليم القدير، القسم الثالث: من أسمائه ما يرجع إلى أفعاله الخالق الرازق، فمن أفعاله تبارك وتعالى الخلق والرَّزق لذلك من أـسمائه ما يطلق عليه باعتبار الفعل نحو الخالق الرازق،القسم الرابع: ما يرجع إلى التنزيه المحضي ولابد من تضمنه إثباتاً إذ لا كمال في العدم المحضي،وذكر لها مثالاً القدوس والسلام،فالله تبارك وتعالى مطهر سبحانه وتعالى وسالم من كل عيب ونقص وهو سبحانه وتعالىليس كمثله شيء كما أخبر عن نفسه، وهذه كما قال لابد من تضمنها ثبوتا لأن الله تبارك وتعالى لا ينفي عن نفسه عدم المحضة،وإنما كلما نفي عن الله تبارك وتعالى فإنه يتضمن إثبات ما يضاده من صفات الكمال لأن النفي المحضَ لا مدح فيه، وإنما يدح الرب تبارك وتعالى بالنفي إذا تضمن أمراً وجودياً، كما في قوله تعالى، (لاتأخذه سنة ولا نوم)فنفى عن نفسه السنة والنوم دليل على كمال حياته وكمال قيوميته سبحانه وتعالى،قال سبحانه وتعالى عن نفسه:(وما مسنا من لغوب) فنفى عن نفسه اللغوب والتعب المتضمن لكمال قدرته سبحانه وتعالى وكمال قوته ونحو ذلك، القسم الخامس:قال ابن القيم رحمه الله: ولم يذكره أكثر الناس،هناك أسماء تحمل معانٍ متعددة يعني أنها تدل على جملة أوصافاسم واحد يدل على جملة أوصاف لا تختص بصفة معينة بل هو الاسم دال على معانٍلا على معنى مفرد وذكر المجيد العظيم الصمد،فإن المجيد من اتصف بصفات متعددة من صفات الكمال، والصمد كما جاء في تفسير ابن عباس له قال:السيد الذي قد كمل في سؤدده الشريف الذي قد كمل في شرفه العظيم الذي قد كمل في عظمته الحليم الذي قد كمل في حلمه العليم الذي قد كمل في علمه الحكيم الذي قد كمل في حكمته،وهو الذي قد كمل في أنواع شرفه وسؤدده، وهو الله سبحانههذه صفته لا تنبغي إلا له ليس له كفواً أحد وليس كمثله شيء سبحان الله الواحد القهار انتهى كلام ابن عباس رضي الله عنهما،يوضح اسماً واحداً من أسماء الله تعالى قد دل على معان كثيرة حمل جملة من الأوصاففهو لا يختص بصفة  معينة، والله تعالى أعلم.

س 11 : أريد توضيح قول قتادة: جعلا له شركاء في طاعته، ولم يكن في عبادته هذا للمعنيين بقول الله تعالى:( فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما فتعالى الله عما يشركون ).

المقصود في قول قتادة: جعلا له شركاء في طاعته أي أطاعا من دونه الناس،فيكون ذلك من باب الشرك الأصغر في الطاعة لا في العبادة، فيكون معناه أنهما عصيا الله تعالى بطاعة غيره فيكون هذا من الشرك الأصغر، فطاعة المخلوق في معصية الخالق هي من هذا القبيل من الشرك الأصغر،ومجاهد قد ذكر فيقول الله تعالى (لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين) قال: أشفقا أن لا يكون إنسانا يعني أن لا يكون صالحا لا يكون إنسانا سويا، فكل حمل يمكن أن يكون سويا ويمكن أن لا يكون كذلك فهو يمر بمراحل متعددة، وفي كل مرحلة يمكن أن لا يتجاوزها أو أن يتغير خلقه، والله سبحانه وتعالى يقول: (في أي صورة ما شاء ركبك)، والسلف رحمهم الله ذكروا فرقا بين الشرك في الطاعة والشرك في العبادة، وقتادة رحمه الله نبه إلى ذلك فقال:شركاء في طاعته ولم يكن في عبادته،أيلم يكن ذلك الشرك في عبادته بل أشركوا في الطاعة، فأطاعوا المخلوق في معصية الخالق وليس معناه الشرك في العبادة أي أنهم عبدوا المخلوق من دون الخالق، بل المقصود الشرك بالطاعة إذ كان معروفا لدى السلف رحمهم الله هذا النوع من أنواع الشرك وهو الشرك في الطاعة، كانوا يفرقون بينه وبين الشرك في العبادة، فالشرك في الطاعة تعني أنني أطعته، لا حبا ولا تعظيما ولا ذلا كما أحب الله وأعظمه وأتذلل له ولكن اتبعت أمره يعني أطعته باتباع أمره وهذا هو الفارق، وبناء على قول مجاهد رحمه الله: فإن الرجل والمرأة أطاعا الشيطان ولم يعبداه عبادة، ومن أطاع الناس في معاصي الله لا يسمى عابدا لهمإذا لم يعتقد جوازطاعتهم فيما يخالف شرع الله تعالى وإنما أطاعهم خوفا من شرهم أو اتباعا للهوى وهو يعلم أنه عاص لله في ذلك، فإن مثل هذا يعتبر عاصيا بهذه الطاعة ولا يعتبر مشركا إذا كانت الطاعة في غير الأمور الشركية، كما لو أطاعهم في ضرب أحد بغير حق أو قتل أحد بغير حق أو أخذ مال بغير حقونحو ذلك، والأمثلة في هذا الباب كثيرة، والله تعالى أعلم. 

س 12 : في باب قول الله تعالى:( فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما ) ورد في هذا الباب حديث الشيطان مع آدم وحواء عليهما السلام وما حصل لهما، وأريد توضيح حقيقة الشيطان،هل هو مَلَك أو من الجن ؟ ولماذا خص هذا الاسم عبد الحارث  بالتسمية؟

هذا الحديث الذي ورد حديث ضعيف لايصح أن الشيطان تكلم مع أبينا آدم وأمنا حواءعليهما السلام في قصة التعبيد لغير الله تعالى،وفي الإجابة على السؤال الآخر ما حكم الحديث: (لما ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال سميه عبد الحارث فإنه يعيش، فسمته عبد الحارث فعاش، وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره) أقول هذا الحديث ضعيف، وما ورد فيه من كلام الشيطان مع أبينا آدم عليه السلام وأمنا حواء لا إشكال فيه، لأن الشيطان قد تكلم مع آدم وحواء عندما كانا في الجنة (فوسوس لهما الشيطان وقال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى)، وآيات كثيرة تكلمت عن هذا؛ والشيطان من الجن كما قال ربنا تبارك وتعالى: (إلا ابليس كان من الجن ففسق عن أمر رب) فهو من الجن وليس من الملائكة، أما لماذا خص هذا الاسم عبد الحارث في التسمية فهناك من يزعم ان اسم الشيطان الحارث فكأنه طلب منهما في هذا الحديث الضعيف أن يُعبّدا الولد له يعني يسميانه عبد الحارث وهذا لا يصح كما قلت،وتسمية الشيطان بالحارث ليس هناك دليل صحيح عليه، أما بالنسبة لهذا الحديث فالحقيقة الصحيح أن هذا الحديث ضعيف، والذين قالوا بتضعيف الحديث كُثُر،وبعض منهم ضعفه رواية وبعض منهم ضعفه دراية، أما الذين ضعفوه من جهة الرواية فهم جهابذة المحدثين، الحافظ ابن عدي رحمه الله صاحب كتاب (الكامل) أعل هذا الحديث، الحافظ ابن كثير رحمه الله قال: إن هذا الحديث معلول من ثلاث أوجه، وذكر الوجه الثالث أن الحسن البصري رحمه الله نفسه الذي روى الحديث عن سمرة فسر الآية بغير هذا التفسير، فلو كان هذا الحديث عنده مرفوعا لما عدل عنه إلى الذي أورده ابن جرير رحمه الله بسنده عن الحسن في قول الله تعالى(جعلا له شركاء فيما آتاهما) قال: كان هذا في بعض أهل الملل ولم يكن بآدم عليه السلام، وروى ابن جرير بسنده عن الحسن البصري رحمه الله قال: عنى به ذرية آدم ومن أشرك منهم بعده، وبسنده عن الحسن أيضا قال: هم اليهود والنصارى، رزقهم الله أولادا، فهوّدوا ونصّروا، ثم قال ابن كثير رحمه الله بعد أن أورد هذه الآثار قال: هذه أسانيد صحيحة عن الحسن رضي الله عنه أنه فسر الآية بذلك وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حملت عليه الآية، ولو كان الحديث محفوظا عنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عدل عنه هو ولا غيره ولا سيما مع تقواه وورعه، فهذا يدلك على أنه موقوف على الصحابي، ويحتمل أنه تلقاه من بعض أهل الكتاب من آمن منهم مثل كعب الأحبار ووهب بن منبه وغيرهما، وزاد الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله علة أخرى فأعله، أما من حيث الدراية فإنه لايصح أيضا، فإن آدم عليه السلام كان إماما للموحدين في زمانه فكيف يقع منه هذا الشيء، وهذا سأتكلم عنه في سؤال لاحق بحول الله تعالى، والله تعالى أعلم. 

س 13 : إذا كان أكبر أبنائه بنتا ثم بعدها جاءه ابن، فهل يكنى باسم ابنته كأن يقول أبو حفصة أم باسم ولده ؟

وما معنى قول الشارح: إنه غالبا ما يقدم اسم الولد الكبير في الكنية، لماذا قال: غالبالم يقل دائما؟

لا يلزم من الكنية أن تكون بأسماء الأولاد، لقد كني علي رضي الله عنه بأبي تراب والتراب جماد، وكني أبو هريرة رضي الله عنه بهذه الكنية، نسبة إلى هرة كان يحملها في كمه، كذلك لا يلزم إلى الكنية بالأسماء أن تكون نسبة لأحد اولاد صاحب الكنية فهذا صديق رضي الله تعالى عنه، ليس من أولاده من اسمه بكر وقد كني بأبي بكر ولا يلزم من التكنية أن تكون نسبة لأكبر اولاد صاحب الكنية وان كان هو الأفضل، لذلك قال الشارح غالبا ولم يقل دائما، وقد سئلت اللجنة الدائمة وعلى رأسها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وكان معه في هذه الفتوى الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله والشيخ عبد الله بن قعود رحمه الله سألوا: هل يجوز أن ينادى على أحد بالابن الأصغر لأن الابن الأكبر توفي في صغر سنة؟ فأجابوا: الأفضل أن يكنى الانسان بابنه الأكبر سواء حياأو ميتا وينادى بتلك الكنية لكن لو كناه أحد بابنه الاصغر وناداه بها فلا إثم عليه وسواء كان ابنه الكبير حيا" أم ميتا" وبالله التوفيق.إذا لا مانع من أن يكنى بابنه الأكبر او بأحد أولاده، ولا مانع أن تكون الكنية نسبة للإناث من اولاد صاحب الكنية، يقول الامام النووي رحمه الله تعالى: باب جواز تكنية الرجل بأبي فلانة وأبي فلان والمرأة بأم فلان وأم فلانة وقال اعلم أن هذا كله لا حجر فيه وقد تكنى جماعات من أفاضل سلف الأمة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم بأبي فلانة، ذكر ابو الدرداء وزوجته ام الدرداء الكبرى وذكر تميم بن اوس الداري الذي كان يكنى أبا رقية وذكر فضي بن عجلان الباهلي الذي كان يكنى أبا أمامة وغير ذلك، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لم يكن بها ولد، ولم يمنع هذا من تكنيتها بأم عبدالله رضي الله عنها فقد قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله كل صواحبي لها كنية غيري، قال فاكتني بابنك عبد الله ابن الزبير وعبد الله ابن الزبير هو ابن أختها اسماء فكانت تدعى بأم عبدالله حتى ماتت رضي الله عنها، رواه الإمام أحمد في المسند وصححه محققوا المسند الألباني في السلسلة الصحيحة، والصحيح باب الكنية باب واسع لا حجر فيه، والله تعالى أعلم.

س 14 : وقع في رواية ابن إسحاق وقد كان جماعة من المنافقين يشيرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق الى تبوك فقال بعضهم لبعض: أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا، والله لكأن بكم غدا مقرنين في الحبال؛ قال: ما فهمت الحديث؟

هذه من أسباب نزول الآية،المنافقون اجتمع بعضهم أو جماعة منهم وتكلموا فيما بينهم أمام نفر من المؤمنين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج لغزوة تبوك،وغزوة تبوك أراد من خلالها صلى الله عليه وسلم  مجابهة بني الأصفر؛ وبنو الأصفر هم الروم، فهؤلاء المنافقون أرجفوا وقالوا فيما بينهم يستهزؤون ويتهكمون برسول الله وبأصحابه، يقولون لماذا اغتر هؤلاء بأنفسهم؟ هل يظنون أن قتالهم مع الروم سيكون كقتالهم مع العرب يعني قتال العرب بعضهم بعضا فهم قالوا بأن الروم أقوى شكيمة وأكثر جندا، وغدا سيهزم المسلمون ويأسر المسلمون يقرنون بالحبال يعني يربطون بالحبال كلهم مع بعضهم، لذلك قال: لكأن بكم غدا مقرنين بالحبال، فهذا كلام منافقين يستهزؤون برسول الله وبأصحابه ويتهكمون بهم ويدعون بأن الروم سينتصرون عليهم وأنهم أي المسلمين سيغلبون ويأسرون وتوضع الأغلال في أعناقهم وأيديهم، والله تعالى أعلم.

س 15 : عن مناداة من لا نعرف أسمائهم بيا محمد ؟ هل هذا يدخل بباب احترام اسماء الله وصفاته ولو لم يقصد معناه؟

محمد صلى الله عليه وسلم اسم رسول الله والشخص الذي لا تعرفه لو كان مسلما" فناده يا مسلم، ناده يا عبد الله والأولى اجتناب نداء المجهول باسم محمد صيانة وتكريما" لهذا الاسم الذي سمع به خير خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم، سئل العلامة ابن عثيمين رحمه الله قال:اعتاد الناس أن يقولوا لأصحاب المحلات من العمالة الوافدة يسمونهم بمحمد يقولون يا محمد اعطني كذا، أحيانا" ربما يكون غير مسلم، ما رأي فضيلتكم في هذا؟ فأجاب في لقاء الباب المفتوح: أنا عندي خير من هذا، أن يقول يا عبد الله، لأنهم كلهم عباد الله حتى الكافر عبد لله ولو أنها غيرت إلى يا عبد الله فكان أحسن، والله تعالى أعلم. 

س 16 : في باب الخوض في الله وآياته ورد أن الإنسان ممكن أن يكفر بكلمة هل يدخل في ذلك قول الشخص وهو غاضب:دينك ربك وغيرها من ألفاظ يقصد بها سب الشخص الذي أمامه لا سب الدين ؟ما أظن أن عاقلاً يقصد بها وهو يسب الله أو يسب الدين ويقول أنا أسب الشخص الذي أمامي، لماذا لم يسب الشخص الذي أمامه ؟

اتفق الفقهاء على أن من سب الله تعالى كفرسواء كان مازحاً أو جاداً أو مستهزئاً والله تبارك وتعالى يقول:(ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم)، سئل الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى سئل عمن هزل بشيء من آيات الله تعالى قال: هو كافر، واستدل بقوله تعالى:(قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم)فمن هزل بشيء فيه ذكرالله تعالى أو هزل بالقرآن أو بشيء من القرآن، والمقصود بالذي فيه ذكر الله تعالى إما بأسمائه أو صفاته أو آياته الكونية أو دينه أو شرعه الذي شرعه بأمره ونهيه، أقول إذا كان الهزل كفراً فكيف الذي يسب الله تعالى أو يسب الرسول صلى الله عليه وسلم أو يسب القرآن أو يسب الدين، لا شك أن هذا أعظم من السخرية وأعظم من الهزل، والله تعالى أعلم.

س 17 : في بلادنا يسمون أبناءهم بهذه الأسماء رحيم حكيم لكن بدون ال ، ولا يضيفونها إلى الله تعالى، وواحد آخر يقول هل يجوز أن أنادي مجيد لمن أصل اسمه عند الولادة عبد المجيد .

يجوز للعبد أن يتسمى بالأسماء المشتركة التي تصلح أن تضاف إلى الله تبارك وتعالى وتصلح أن تكون لغيره من العباد لكنها تناسب من أضيفت إليه مثل اسم كريم عزيز رؤوف سيد ونحو ذلك، هذه يطلق عليها اصطلاحاًالأسماء المشتركة، فإنه مع كون الاسم صالحاً لأن يطلق على الله تعالى وعلى غيره من المخلوقين، إلا أن حقيقة الصفة التي اشتق منها اسم الله تعالى غير حقيقة الصفة التي اشتقت منها أسماء المخلوقين تبعاً للاختلاف بين ذاتيهما، وهذه التسمية بهذه الأسماء عزيز وكريم ومجيد ورؤوف ونحو ذلك إذا لم يقصد بالاسم معناه فهو جائز، لأن ما لا يختص بالله من الأسماء فإنه يسمى به غير الله إذا لم يلاحظ معنى الصفة بل كان المقصود مجرد العلمية فقط (علم) ولم تلاحظ في معنى عزيز معنى العزة أو صفة العزة أو الرأفة أو الكرم بالنسبة لرؤوف وكريم أو المجد والسؤدد بالنسبة لمجيد وسيد وغير ذلك، فإذا كان المقصود بمجيد مجرد العلمية فقط جازت التسمية لأنه لا يكون مطابقاً لاسم الله تعالى، فإذا سميت مخلوقاً بهذه الأسماء فلا تلاحظ فيها المعنى بل كما قلت مجرد علمية مطلقة، وقد تقدم عند كلامي عن تسمية الحكم الذي غيره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذا الاسم الذي جعل كنية لذلك الصحابي لوحظ فيه معنى الصفة وهي الحكم و ذكرت لكم أنه قال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين ففي هذا بيان لسبب تسميته بأبي الحكم، إذاً ليس مجرد علمية محضة بل علمية متضمنة للمعنى فأمره صلى الله عليه وسلم بتغييره بينما لم يغير اسم الحكم لعدد من الصحابة كانوا يحملون هذا الاسم لأنهم قصدوا به العلمية المحضة ولم يلاحظوا العلمية المتضمنة، إذاً هذا بالنسبة للأسماء التي لا تختص بالله تبارك وتعالى، أما الأسماء التي تختص بالله تبارك وتعالى والتي سبقت الإشارة إليها فهذه لا تصلح إلا لله تعالى ولا يسمى بها أحد إلا لله تعالى كالخالق والرحمن والرازق والأول والآخر والقدوس ومالك الملك ونحو ذلك من الأسماء التي لا تناسب العباد المخلوقينالمربوبين فلا يسمى بها أحد إلا الله تبارك وتعالى، والله تعالى أعلم.

س 18 : في بيتنا الصغير كثير من الكتب في كل مكان بحكم طبيعة الدراسة وفي جميعها لا شك آيات من القرآن الكريم أوشيء من السنة ونضطر إلى وضع أشياء فوقها لأن البيت صغير ونضطر أثناء النوم أن تكون أقدامنا متجهة إلى بعضها فهل ندخل بذلك في الهزل بشيء فيه ذكر الله تعالى مع العلم أنه لا يوجد لدينا مكان آخر نجمع فيه الكتب على حدة كي نتجنب ذلك.

واجبنا تجاه آيات الله تعالى وتجاه أسمائه تبارك وتعالى احترامها وعدم امتهانها أو ابتذالها وعدم وضعها في شيء يعرضها للامتهان أي لا نقوم مثلا ندوس عليها فلا نعرضها للامتهان، وللأسف قد استمرأ أمر تعريضها للامتهان الكثير من الناس، مع أن الأصل والواجب رفع اسم الله تعالى وآيات الله تعالى عن الامتهان وتربية الأبناء على تعظيم شعائر الله واحترام وإجلال اسم الله تعالى أن يمتهن، يقول الشيخ ابن باز رحمه الله في فتوى طويلة ذكر فيها قال: عليه أن يرفع اسم الله وأن يُبعده عن الامتهان وأن يربي أولاده على ذلك، فلا تمتهن الكتب الدراسية والأوراق المحترمة التي فيها شيء من القرآن أو أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بل حتى كراساتهم إذا كان في أسمائهم أو أسماء آبائهم لفظ الجلالة، وقد أجابت اللجنة الدائمة للإفتاء عن جواب عن سؤال شبيه بسؤالك مما قالته: الواجب على كل مسلم ومسلمة أن يحافظوا على الصحف والكتب وغيرها مما فيه آيات قرآنية أو أحاديث نبوية أوكلام فيه ذكر الله تعالى أو بعض أسمائه سبحانه وتعالى فيحفظها في مكان طاهر، وإذا استغنى عنها دفنها في أرض طاهرة أو أحرقها، ولا يجوز التساهل في ذلك، وحيث إن الكثير من الناس في غفلة عن هذا الأمر فقد يقع في المحذور جهلاً منه بالحكم، وأقول أيها الفاضل: اتق الله ما استطعت وحاول أن تبعد هذه الأشياء عن أقدامك واجعلها جهة رأسك بدل أن تكون جهة أقدامك، والله تبارك وتعالى قد أخبر أن تعظيم شعائره سبحانه وتعالى من تقوى القلوب، والله تعالى أعلم.

س 19 : هل يجوز قول عبد الناصر ؟ كأنه يسأل هل الناصر من أسماء الله ؟ هل يجوز التعبيد له؟

أجاب الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله تعالى في كتابه (معجم المناهي اللفظية) عن سؤالك أيها الفاضل فقال: ومن هذا الغلط التعبيد لأسماء يظن أنها من أسماء الله تعالى وهي ليست كذلك مثل: عبد المقصود عبد الستار عبد الموجود عبد المعبود، وذكر أسماء قال: عبد الناصر عبد القاضي عبدالجامع إلى آخره، قال: فهذه يكون الخطأفيها من جهتين: من جهة تسمية الله تعالى بما لم يرد به السمع، وأسماؤه سبحانه وتعالى توقيفية على النص من كتاب أو سنة، والجهة الثانية التعبد بما لم يسمي الله به نفسه ولا رسوله صلى الله عليه وسلم أي سماه به، وكثير منها من صفات الله لكن قد غلط غلطاً بيناً من جعل لله من كل صفة أسماء و اشتق منها، إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى، واللجنة الدائمة برئاسة سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ حفظه الله تعالى أجابت عن سؤال يشبه سؤالك، تقول في إجابتها: أما الناصر فلا دليل فيما نعلم على أنه من أسماء الله وأسماء الله توقيفية لا يجوز أن يسمى الله إلا بما سمى به نفسه أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم، أي أننا لا نتعدى الوارد في الكتاب والسنة، الحقيقة وإن كان بعض العلماء ذكروا أن الناصر من أسماء الله تعالى لكن الحقيقة لا دليل على هذا الاسم، والله تعالى أعلم.