تفاصيل الموضوع

كتب نافعة

تاريخ الموضوع : 22/10/2012 الموافق الإثنين 7 ذو الحجة 1433 هـ | عدد الزيارات : 3371
 الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم:
 
قرأت هذا الأسبوع كتابا نافعا وهو من كتب الساعة التي تعالج الإشكالات الواقعة, ذلك هو كتاب "طريقة السلف في نصح السلاطين وذوي الشرف" لمؤلفه الشيخ عبد المالك بن أحمد رمضاني, فمادة الكتاب ترجم صاحبها فيها عنوانه, فأقام البينات مع النقول المطابقة والموافقة لعناوينه الداخلية مع تعليقات مفيدة نافعة في موضوع لا يخفى أهميته وحساسيته في الوقت الحاضر ذلك هو موضوع علاقة العالم والداعية بالحاكم, وبالأخص في حالة أن يقع من الحاكم خطأ أو تقصير أو اعتداء وتعد, فإن الناس انقسموا في ذلك إلى أقسام أهمها قسمان : قسم استغل هذا الخطأ فأخذ يشيعه ويذيعه ويزيد فيه وينقص ويضرب الأمثال ويحشد الأدلة في وجوب الإنكار ومبارزة الحاكم بالعداوة وإظهار الشناعة, ذلك كله أمام الجماهير والبسطاء لشحنهم ومن ثم استغلال ذلك الشحن للخروج فيما بعد واستعمالهم في المظاهرات والمناورات وإظهار القوة والضغط على ذوي السلطة لتحقيق المطالب الشخصية, فهذا القسم قد استأسد بعد الأحداث التي وقعت في بعض بلدان المسلمين.
 
والقسم الثاني قسم نظر بمعيار الشرع وتأمل بتوجيه الشارع فالتزم الحدود الشرعية في ذلك وهو يعلم أن الشارع أعلم وأحكم وأرحم وأن العاقبة الحميدة لمن اتقى وأن الله عز وجل لم يشرع شرعه ويضع حدوده ويبينها رسوله صلى الله عليه وسلم البيان الكامل ويسر عليها ويؤكدها علماء الأمة ونصحاؤها إلا والخير في غبها والرشد في لزومها والعافية في سلوكها, فشمر عن ساعد الجد في هذا الأمر ودعا إليه ووضحه وبينه وأشهره, فكان أسعد القسمين بالمثوبة وحسن العاقبة.
 
وهذا الكتاب أقام الدلائل ووضح المسائل بذكر أهل القسم الثاني الأسعد بالحق والعاقبة الحميدة ونقل النقول الجيدة والمفيدة في هذا الباب عن أئمة الهدى وأعلام التقى الذين استجابوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم" فاعتبروا النصيحة واجبة إلا أن النصيحة لها شروطها وآدابها الشرعية فقصدوا أداءها بحقها حتى تقع موقعها وتفعل فعلها ويؤدي للإمام فيها حقه الذي أوجبه الله عز وجل على المسلمين.
وبين أن من أهم الأمور في معالجة أخطاء السلطان نصحه ولكن وفق  التوجيه الشرعي بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عياض بن غنم رضي الله عنه عن الرسول صلى اله عليه سلم:" من أراد أن ينصح السلطان بأمر فلا يبد له علانية , لكن ليأخذ بيده فيخلو به فأن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه له" قال الألباني الحديث صحيح بمجموع طرقه.
وهي وصية ابن عباس رضي الله عنهما لما قال له سعيد بن جبير رضي الله عنه" آمري أميري بالمعروف وأنهى عن المنكر فقال له: إن خفت أن يقتلك فلا تعنف السلطان فإن كنت لا بد فاعلا ففيما بينك وبينه" رواه ابن أبي شيبة في مصنفه وغيره.
 
فهذه المعاني المهمة قد أبرزها المصنف وأكدها بأدلتها التي توصل القارئ إلى القناعة المطلوبة بأن الواجب على المسلم تجاه سلطانه إقامة النصحية حسب القدرة وبالطريقة الشرعية وأن تجميع الناس والإلقاء على مسامعهم بالخطب الرنانة في عيوب السلطان والإمام لا يزيد الأمور إلا تعقيدا ولا يبعث في النفوس إلا شرورا, كما أنه يوغر الصدور ويهيئ الجميع لمواقف لا تحمد عقباها.
 
وإن من المعاني الجميلة التي ذكرها الكاتب وفقه الله وحفظه أن الخروج كما يكون بالسيف يكون بالكلمة وأن الحرب أولها كلام.
 
وذكر في تأييد ذلك ما رواه الفريابي وابن بطة وغيرهم عن مكحول أنه قال لغيلان: ويحك يا غيلان ركبت بهذه الأمة مضمار الحرورية غير أنك لا تخرج عليهم بالسيف, والله لأنا على هذه الأمة منك أخوف من المزققين أصحاب الخمر" وذلك لأن غيلان كان كثير العيب للحكام , وأكد هذا المعنى أيضا بكلام الشيخ محمد بن عثيمين رحه الله حين قال في تعليقه على حديث ذي الخويصرة : وهذا أكبر دليل على أن الخروج على الإمام يكون بالسيف ويكون بالقول والكلام... وما يوجد في بعض كتب أهل السنة من أن الخروج من أن الخروج على الإمام هو الخروج عليه بالسيف فمرادهم بذلك الخروج النهائي الأكبر"
وقاله أيضا الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في شرح العقيدة السفارينية: "الخروج على الأئمة يكون بالسيف وهذا أشد الخروج ويكون بالكلام بسبهم وشتمهم والكلام فيهم في المجالس وعلى المنابر, هذا يهيج الناس ويحثهم على الخروج على ولي الأمر وينقص قدر الولاة عندهم, فالكلام خروج."
 
والكتاب مليء بالفوائد الجمة في هذا الموضوع فأنصح الإخوان بقراءته ففيه من الأدلة والأخبار والقصص عن السلف وأهل العلم ما يحتاجه المسلم خاصة طالب العلم في هذا الوقت العصيب الذي تمر به الأمة, جزا الله مؤلفه خيرا الجزاء وأجزل له المثوبة والأجر وأحسن لنا وله العاقبة , وصلى الله على نبينا محمد وعلى أله وصحبه وسلم.

كتبه: أ.د. سعود بن عبد العزيز الخلف - رئيس الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب

 
Bookmark and Share

عرض التعليقات

  • تصحيح لاسم الكتاب
    أدخل بواسطة : عبد الله مسفر الشمراني | تاريخ التعليق : 03/11/2012 01:33:45 PM | بلد المعلق : السعودية

    أشكر أ.د. سعود بن عبد العزيز الخلف على توجيهه وانتقائه لمثل هذه الكتب النافعة التي تعالج مشاكل معاصرة يقع فيها كثيرُ من الخلق إما جهلاً، وإما غيرةً وحمية مصحوبة بعدم التمكن من ضبط هذه المشاعر وفق العلم وشرع الله. وثانياً: أرجو من الجمعية أن ترفع لنا هذا الكتاب على الأنتر نت كما قد أسهمت سلفاً في رفع عدد من البحوث المحكمة، والكتب الجامعة النافعة التي أستفاد منها كل زائر جزماً ومنهم أنا مشكورةً مأجورةً. وأشكر العاملين على الموقع وأسأل الله لكم التوفيق في الدارين والسلام.


إضافة التعليق