تفاصيل الموضوع

بيان استنكار من الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة لمقال معتقل الوفاء التراثي النسوي للكاتبة حصة آل الشيخ

تاريخ الموضوع : 22/5/2015 الموافق الجمعة 4 شعبان 1436 هـ | عدد الزيارات : 5708

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد فوجئت الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة -كما فوجئ المجتمع كله- بالمقال السقيم المستفِز المنشور في صحيفة الرياض (3/8/1436ه - العدد 17132) للكاتبة حصة آل الشيخ بعنوان: "معتقل الوفاء التراثي النسوي"، وتأملت ما اشتمل عليه من تطاول قبيح على الشرع، وذم لبعض أحكامه، وسخرية بالتراث الإسلامي.

وإنه لا ينقضي العجب من جرأة الكاتبة، وجرأة الصحيفة التي سمحت بنشر هذا السَّفَه في صفحاتها.

فقد وَصفَت مُكث المتوفى عنها زوجها في بيتها وإحدادها عليه أثناء العدة -وهو حكم شرعي ثابت بالنص- بـ(السجن الكئيب)، و(المعتقل)، وأنه (تعبد للزوج المتوفى) و(وفاء تقدمه قربانا لربها [أي زوجها] تقسمه بينه وبين رب السماء)، وأنه (أمر يحور ويدور في دوائره اللامنطقية)، وأنه (عادة استعبادية فرضها التراث المأفون ودعمها بأكاذيبه المسترشدة بحس الوفاء المنقوص)، ووصفت بعض أحكام الإحداد -وفيما ذكرت صحيح وغير صحيح- بـ(خرافات التراث)، كما أنها ذكرت أن (هذا الوفاء الإكراهي يتسق وأحكام عابثة بإنسانية المرأة ..)، ثم حامت حول حمى مريب بكلام شبيه بكلام الباطنية، تُشم منه رائحة نتنة: (فأقوال رجالهم المعتبرة فوق النقد وفوق القرآن، أوصلتهم لادعاء أن السنة تنسخ القرآن! لتعكس حجم قداسة يتحدث بالإثم ويتوهم عصمة إله)، ولما لم يكفها التشريع الإلهي والوقوف عند حدود الله؛ تجاوزته إلى ادعاء التشريع الأرضي المطلق للإنسان! (فالإلهام التشريعي الأرضي مطلق للإنسان، طالما حملت روح تدبيره المقاصدية الإلهية للحرية والعدل والمساواة)!

هذا بعض ما ورد في ذاك المقال المظلم، وثمة أشياء أخرى فيه تضارع ما مضى.

وكم يؤسفنا أن نقرأ هذه الأباطيل -بل الكفريات- المستفزة لمشاعر المسلمين جميعا في جريدة سيّارة، تصدر من بلاد الحرمين.

إن الذي لا يرتاب فيه أحد -إلا المنافقون- أن التشريع حقٌ لله وحده {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ}، وهو الذي جاء به رسوله الأمين -صلى الله عليه وسلم- {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، وهو الحق المحض الكامل {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}، وليس بعده إلا الضلال المبين {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ}.

وهذا الإحداد الذي أنكرته الكاتبة وذمته وتندرت به ونسبته إلى التراث المأفون: شرعٌ حكيم، دلت عليه سنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، ومضى عليه المسلمون سابقا ولاحقا، وهو تعبد لله لا للزوج؛ فقد قال عليه الصلاة والسلام لفريعة بنت مالك رضي الله عنها لما مات زوجها: (امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله، قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا) أخرجه الخمسة وصححه الترمذي وابن الجارود وابن حبان والحاكم والذهبي وابن القيم وابن كثير وابن حجر وغيرهم. قال ابن عبد البر: (وقد قال بحديث الفريعة جماعة من فقهاء الأمصار بالحجاز والشام والعراق ومصر، ولم يطعن فيه أحد منهم).

وقال ابن عمر رضي الله عنهما: (لا تخرج المتوفى عنها في عدتها من بيت زوجها) أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح.

وفي حديث أم عطية عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في شأن المحِدة على زوجها: (ولا تكتحل ولا تمس طيبا) متفق عليه.

فهذا الحكم قد صدر من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي اتباعه فرضٌ لا خيار فيه {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا}، وذم سنته والسخرية بما جاء فيها ردةٌ عن دين الله {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}.

وهذا الحكم -وإن حمل حِكما ومصالح عظيمة، تلمّس العلماء شيئا منها؛ ترجع إلى حفظ حق الزوجة، وحق زوجها المتوفى، وحق أهله، وحق من قد تتزوجه، وأنه تعبيرٌ راقٍ عن وفاء ومروءة، وتقدير لرباط الزوجية- فإن الواجب الانصياع له، والقبول به بصدر منشرح، علِمنا حِكَمه أم لم نعلمها {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.

إن الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة وهي تستنكر ما تضمنه هذا المقال من زندقة وإفك، وطعن في أحكام الشريعة وتطاول عليها وعلى تراث المسلمين؛ لترجو الله عز وجل أن يقيض ولي الأمر -سلمان الحزم- وفقه الله لإيقاف هذه الكاتبة عند حدها، وعرضها على القضاء لتنال عقابها المستحق شرعا، وكذا معاقبة كل من سمح بنشر المقال؛ نصرةً لدين الله، وغضبا لشرعه، وردعا لأهل النفاق والذين في قلوبهم مرض.

وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

               رئيس الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب

               أ.د. صالح بن عبد العزيز بن عثمان سندي

    

 

 

Bookmark and Share

إضافة التعليق