تفاصيل الموضوع

تعليق معالي مدير الجامعة الإسلامية على كلمة خادم الحرمين للأمتين العربية والإسلامية

تاريخ الموضوع : 26/8/2014 الموافق الثلاثاء 30 شوال 1435 هـ | عدد الزيارات : 1194
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
 
وبعد:
 
لقد استمعنا وتابعنا بشغف بالغ إلى الكلمة التي وجهها الوالد القائد الملك العادل خادم الحرمين الشريفين للأمتين العربية والإسلامية والمجتمع الدولي اليوم الجمعة(1 أغسطس 2014)، فألفيناها كلمة ضافية وشافية غزيرة المعاني والدلالات رغم وجازة ألفاظها وقلة كلماتها، ولا غرو فقد صدرت من قائد فذ ناصح مشفق على أمته، فقد جاءت هذه الكلمة في ظل أحداث وتحديات عربية وإسلامية مؤلمة كون العالم العربي والإسلامي يعيش حالات مؤلمة من قتل للأطفال والإرهاب، والضحية هم شعوب الأمة الإسلامية والعربية، وقد تضمنت هذه الرسالة الأبوية الكريمة تشخيَّصا للداءَ ووصفا للدواء الناجع، وبينت بجلاء حرص خادم الحرمين الشريفين –حفظه الله- على حفظ كيان الأمتين العربية والإسلامية من هذه الأحداث التي أظهرت الإسلام وكأنه دين تطرف وكراهية وإرهاب.
 
 إن كلمة خادم الحرمين الشريفين جاءت لتضع النقاط فوق الحروف في ظل ما يشهده العالم من إرهاب وتطرف سواء من الجماعات والطوائف أو الدول، مبينًا خطر هذه الجماعات التي تستظل بظل الإسلام وهو منها براء.
 
ولا ريب أن من يروجون لأعمال الإرهاب باسم الإسلام، بعيدون عنه كل البعد، فالإسلام دين السماحة والخير والوسطية والاعتدال، ومن يقول غير ذلك فهو مغالط للحقيقة ومخالف لأمر المسلمين، إذ لا يحق قتل النفس التي حرّم الله وفقا لأهواء فئات ضالة استباحة دماء المسلمين بغير حق، وتنكبت عن الصراط القويم، والمملكة العربية السعودية كانت ولازلت منذ تأسيسها وهي تمثل القلب النابض لوحدة العالمين العربي والإسلامي بعيدًا عن الغلو، ونصيرة للحق داحضة للإرهاب بمختلف أشكاله وصوره.
 
لقد جاءت كلمة خادم الحرمين الشريفين –حفظه الله- في وقت حساس يشهد فيه العالم إرهاباً كبيراً متنامياً، فأقام الحجة على الجميع؛ فينبغي على العلماء والمفكرين والمثقفين مواجهة الإرهاب والتصدي له بكل السبل بأقلامنا وفتاوانا وخطبنا ومحاضراتنا، وفي بيوتنا ومساجدنا وجامعاتنا ومنابرنا ومجالسنا، بل ونعلنها حربًا ضروسًا لا هوادة فيها على الإرهاب ودعاته، ومكافحة له بالحكمة والعدل والحجة والبرهان، وفي الوقت نفسه بالحزم والحسم، ولا عذر بعد لصامت أو لناظر متخاذل.
 
لقد تضمنت هذه الكلمة النيرة حرص خادم الحرمين الشريفين –أيده الله- على حفظ كيان الأمتين العربية والإسلامية من هذه الأحداث المؤلمة، والتي أظهرت الإسلام وكأنه دين تطرف وكراهية وإرهاب، مستحثاً قادة وعلماء الأمة الإسلامية أن يبذلوا غاية جهدهم في الوقوف أمام كل من يسعى لتشويه صورة الإسلام والمسلمين.
 
وفي كلمته –سلمه الله- لم يقتصر على وصف حال الأمة فقط والذي لا يسر أصدقاءها ويفرح أعداءها، وهو حال غير مقبول البتة، بل تطرق إلى أهم الأسباب التي أدت إلى هذا الحالة المزرية وأبرزها: التطرف والغلو وإقدام المئات من أبناء هذه الأمة على الوقوع فريسة في براثن الإرهاب والعنف واستخدام كل الوسائل السيئة لتحقيق أهداف غامضة ومشبوهة لتشويه صورة الإسلام والإساءة إليه. 
 
فبيَّن –سلمه الله- العلاج الناجع لما تعانيه الأمة، حتى لا يستشري الداء، ويستعصي حينئذ الدواء، وتصير إلى حال لا تحمد عقباه، مذكرًا –حفظه الله-  بمؤتمر الرياض الذي دعا إليه قبل عشر سنوات وما خرج به من توصية من ضرورة إنشاء ( المركز الدولي لمكافحة الإرهاب )، وقد حظي المقترح بتأييد العالم أجمع في حينه، وذلك بهدف التنسيق الأمثل بين الدول، ولكن المملكة أصيبت بخيبة أمل ـ بعد ذلك ـ بسبب عدم تفاعل المجتمع الدولي بشكل جدي مع هذه الفكرة، الأمر الذي أدى لعدم تفعيل المقترح بالشكل الذي كانت الآمال معلقة عليه، والمملكة بمثل هذه المبادرات والمقترحات –وغيرها-  تبرأ إلى الله -عز وجل- من كل يد دعمت الإرهاب وسعت وساهمت في انتشاره وذيوعه.
 
ومع ذلك فإن المملكة كان لها القدح المعلى وقصب السبق في محاربة الإرهاب والقضاء عليه في الداخل والخارج،  فكان من انجازاتها الرائدة الموافقة الكريمة من لدن خادم الحرمين –وفقه الله-  في إقامة (المؤتمر الدولي الأول والثاني لمكافحة الإرهاب) في رحاب الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية عامي: 1431و1435هـ. وكان للمؤتمر ولله الحمد من النتائج العظيمة والمثمرة والموفقة والتي شهد بها القاصي والداني.
 
وفي كلمته –وفقه الله- تحذير صريح من قائد فذ كشف من خلالها الستار عن جميع الصامتين والمتخاذلين، ومن ذلك منظمات حقوق الإنسان في المجتمع الدولي، إلى أن ما يحدث في فلسطين المحتلة من إبادة جماعية، لم تستثن أحداً، وجرائم حرب ضد الإنسانية دون وازع إنساني أو أخلاقي، قائلا لهم إن هذا الصمت عن ما يحدث وكأنه أمر لا يعنيهم، سيؤدي إلى خروج جيل لا يؤمن بغير العنف، رافضاً السلام، ومؤمناً بصراع الحضارات لا بحوارها، وفي هذا تأكيد على الموقف الثابت الراسخ للمملكة تجاه القضية الفلسطينية ودعم إخواننا في فلسطين المحتلة خاصة ما يتعرض له الأبرياء في غزة المحتلة من اعتداء غاشم من قبل الصهاينة، وفي هذا أيضاً دحض للأقاويل الكاذبة والمغرضة التي حاولت التشكيك في مواقف المملكة الإسلامية والعربية والدولية.
 
وقد ختم كلمته –وفقه الله- بإبراء الذمة والإنذار قبل الإعذار بقوله: اللهم هل بلغت اللهم فاشهد، وكذلك تعليق المسئولية في عنق المجتمع الدولي وتنبيههم على أنهم سيكونون أول ضحايا هذا الإرهاب في الغد، لأنهم لم يستفيدوا من تجربة الماضي القريب.
 
وبالجملة فهذه الكلمة القيمة المباركة قد ملئت بالمعاني والمضامين، وجاءت مطمئنة للجميع كاشفة عن حجم المتابعة والهمِّ الكبير الذي يحمله وجدان خادم الحرمين الشريفين تجاه قضايا وهموم الأمة، وفيها دعوة من قائد عظيم محنك أراد توحيد صف الأمة وتنقية الأجواء وإزالة الخلافات وبدأ مرحلة جديدة من التعاون الإسلامي المبني على المحبة والتسامح، ونبذ الإرهاب والتطرف والخلافات، والسير باتجاه واحد وبهدف واحد وهو التعاضد ونصرة المسلمين وإيقاف الظلم الذي تعانيه شعوب بعض الدول العربية والإسلامية.
 
نسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك العادل عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله- وأن ينصر به الحق والسنة، وأن يجزيه خير الجزاء على ما يبذل من نصح وتوجيه وجهود كبيرة في خدمة الإسلام والمسلمين، وأن يوفقه لما فيه صلاح العباد والبلاد، وأن يجزي سمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع خيرًا على ما يقدمه من أعمال عظيمة خدمة للإسلام والمسلمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
 
     معالي مدير الجامعة الإسلامية
 
أ.د. عبد الرحمن بن عبد الله السند
 
Bookmark and Share