تفاصيل الموضوع

النفاق والغلو

تاريخ الموضوع : 14/9/2009 الموافق الثلاثاء 14 ذو القعدة 1432 هـ | عدد الزيارات : 1256

النفاق والغلو

بسم الله الرحمن الرحيم

أبدأ  مقالتي بحمد الله والثناء عليه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه أن حمى سمو الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز آل سعود من محاولة اغتيال فاشلة آثمة وحمى بذلك سبحانه بلادنا من فتنة عظيمة وبلاء شديد .

 و منذ حدوث المحاولة الأثيمة لقتل نائب وزير الداخلية للشئون الأمنية وأنا غير قادرة  على الكتابة ، والسبب أني جلست أتأمل ماحدث وماسبق من أحداث والتي يربط بينها الغلو في الدين والعمل به من غير علم شرعي صحيح من علماء ثقاة مشهود لهم وجعل الله لهم قبولا بين خلقه.

قال الحبيب الذي أرسله الله تعالى رحمة للعالمين r: ( إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو)حديث صحيح . وسبب الهلاك هو أن الغلو يقود  لتدمير الفقه الصحيح للدين فتعقبه أعمال بدعية متتالية تبدأ بأفراد يوجبون على أنفسهم تعميم فهمهم القاصر الناقص على الجميع مع اعتقادهم الجازم بوجوب القضاء على ولي الأمر بأسرع وقت ليتم في زعمهم الشيطاني نشر الإسلام سريعا وبالقوة مع تصيدهم للاجتهاد البشري وللأخطاء البشرية الفطرية سلما يتسلقونه لإباحة أعمالهم الإجرامية.وهذا الفقه الشيطاني تغذيه عقول متعددة من الخارج أولا ثم من الداخل .

وحرص الخوارج وغلاة الدين والدنيا على ولي الأمر يعني مايلي:

1-   هدم الهرم السياسي للدولة ومن ثم هدم التفاف الجميع حول ولي الأمر

2-   إغراء جميع الأعداء من الخارج والداخل بالتدخل في شئون الدولة تحت دعاوى كاذبة يغلفها رداء ظاهره الرحمة وباطنه العذاب وهو رداء الإصلاح

3-   إهدار جهود الدولة في البناء والإصلاح المجتمعي عامة لتتحول تلك الجهود إلى نحور الخوارج والبغاة لوأد فتنتهم ومن ثم تشتيت وتضييع الكثير من فرص النماء والتطور المطلوبة من الدولة لشعبها .

تأملت هذه المحاولة الفاشلة لأجدها حلقة من سلسلة متصلة بدأت منذ ظهور الإسلام من أعدائه مباشرة من يهود ومشركين ومنافقين في صور مختلفة لقتل أفضل الخلق r ثم استمرت لقتل عمرy وأيضا من قبل عدو كافر حاقد فلما رأى أعداء الإسلام من يهود وفرس ونصارى ومشركين عامة فشل المواجهة الصارخة المباشرة من جنودهم التفتوا إلى المنافقين يزرعونهم من جديد في وسط المجتمع المسلم المنشغل بالفتوحات لنشر الإسلام ولكن عن طريق بوابة العلم التي لها مقامها المشهود عند المسلمين ، فبرز علماء إبليس الذي زين لأبينا آدم عليه السلام  وزوجته الأكل من الشجرة ، فزينوا لشباب المسلمين الخروج على الخليفة العادل التقي الذي تستحي منه الملائكة عثمان رضي الله عنه  تحت دعاوى كاذبة يجمعها ما زعموه من الظلم والخروج عن تطبيق الإسلام  ولم يرضوا إلا برأسه ليتم التطبيق التام للإسلام  كما يدور في عقوهم الفارغة من الحق    بتخطيط من الشيطان  اليهودي عبد الله بن سبأ _ الذي يجاهد البعض لنفي وجوده  وقد كذبوا – فكانوا أول نواة لجيش الخوارج الذي تنبأ الرسول r بخروجهم ويشاء الله الحكيم أن تبدأ فتنة تنتهي بمقتل ذي النورين رضي الله عنه فوجد أعداء الإسلام في الخوارج منفذا ميسرا لتمرير  وتنفيذ خططهم الإبليسية لتفتيت دولة الإسلام فاستمروا في زرع الشبهات في العقول والقلوب وتحت غطاء العلم الشرعي وهو بريء منهم فوصلوا لقتل علي رضي الله عنه مع محاولتين فاشلتين لقتل الصحابيين عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ، وظل الخوارج يرهقون الجيوش الإسلامية ويعيقونها عن كثير من الفتوحات والانتصارات واستثمار الوقت والجهد في البناء الحقيقي . واستمرت السلسة متصلة إلى وقتنا الحاضر. وأثمرت في عدد من الدول ضياع وجودها الحقيقي إذ تحولت شعوبها إلى جيوش تقاتل بعضها بعضا واستغل الأعداء ذلك لينهبوا كل ثروات تلك الدول حتى تركوها قاعا صفصفا ترى فيها تماثيل الحقد والجوع والخوف والفساد منتشرة في القلوب والعقول والأرض .

تأملت ما سبق لأجد بعض شباب بلادنا المباركة يسلمون أنفسهم لشياطين الأنس يزينون لهم أعمالهم بلباس التقوى ويعدونهم بجنة عرضها السموات والأرض ويتركون خلف ظهورهم علماءنا الذين شهدت لهم الأمم في أصقاع الأرض بالعلم الشرعي الصحيح ورزقهم الله القبول بل وصل بهم الحد لتكفيرهم ، وكما كان أسلافهم من البغاة وجدناهم يتربصون الدوائر بثروات البلاد ويصرون بقوة على الوصول لأولياء أمورنا فتعسا لهم وخابت جهودهم . وتساءلت بخوف وهلع :كيف لو وصلوا لمآربهم – ونعوذ بالله من ذلك – كيف ستصبح بلادنا وكيف ستكون الفتنة ؟!أليس منكم رجل  رشيد أيها الغلاة  ؟!. فالحمدلله الذي رد كيدهم في نحورهم وجعل تدبيرهم تدميرهم وجعل الدائرة عليهم  . لقد تناسى هؤلاء الشرذمة أن الذي رزقهم  عقولا تخطط وتدبر رزق غيرهم ذات العقول ، وما تأمل هؤلاء الغافلون  أن في عقيدتنا نحن المسلمين الإيمان بالاستدراج كما نؤمن بالكرامة فعدوا كل وصول لجزء من مآربهم كرامة بل معجزة ونسوا أن عين الله لاتنام ( ويمكرون ويمكر الله وهو خير الماكرين ) فساقهم الله لحتفهم ولكن المصيبة العظمى أن علماء إبليس يزينون كل إخفاق لهم بأنه نصر ويلبسون عليهم الأمور ويقلبونها لهم كما وصف الله  تعالى حال المنافقين ( لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور) 48 / التوبة

وأتأمل من جديد تخطيط هؤلاء الشباب من بلادي من البغاة والخوارج فأقول ويقول معي كل عاقل: ليتهم وضعوها لخدمة الإسلام والمسلمين ، ليتهم وضعوها لخدمة أهل بلادنا بكل أصنافهم ، ليتهم هاجروا بعيدا ليترقوا في ميادين العلم النافع الشافع ، ليتهم هاجروا بعيدا للأدغال والغابات لنشر العلم الشرعي الصحيح فأدخلوا الملايين للإسلام وأخرجوهم من الظلمات إلى النور، ليتهم كلما اشتدت فتنة في عقولهم وقلوبهم خرجوا لأطهر البقاع بمكة والمدينة يدعون الله الوصول للحق ، ليتهم تواصلوا مع علمائنا يسمعون منهم ويقولون لهم مادار بعقولهم في نقاش هادئ بغية الوصول للحق كما فعل بعض أسلافهم لما أوفد لهم علي رضي الله عنه حبر هذه الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما .

وختاما أتوقف عدة وقفات أمام هذه الحادثة وماسبقتها من حوادث فأجد روابط عدة تربط بين أفرادها:

1-   عدم التعظيم لشعائر الله فلا حرمة للمسلم ولا للأشهر الحرم ولا لرمضان أو صيام أو قيام.ولا حرمة للأماكن كمكة والمدينة .

2-   التلبس بصفات المنافقين من كذب وغدر بالعهد وإخلاف للوعد والفجور في الخصومة وخيانة الأمانة.

3-   عدم التقدير الشرعي والفطري لطبيعة النساء والأطفال والجيران وأهل الذمة

4-   لي أعناق الأدلة لتوافق أهوائهم.

5-   الاحتقار بل والتكفير لكل من يخالف أي رأي لهم مهما كانت منزلته.

6-   الجلد والصبر على باطلهم فنعوذ بالله من جلد الفاجر .

7-   صغر أعمارهم وقلة علمهم الشرعي الصحيح.

8-   احتضان الصحبة الضالة لهم بكل الوسائل بما يحقق عملية غسل أدمغتهم.

وأخيرا كما بدأت بالحمد لله الكريم المنان أختم كذلك بحمده تعالى على جزيل نعمه وأفضاله وأسأله تعالى أن يحفظ بلادنا خاصة وبلاد المسلمين عامة من كل سوء وبلاء وفتنة إنه سميع مجيب.

Bookmark and Share

إضافة التعليق