تفاصيل الموضوع

بيان الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب حول القرار الملكي الكريم بتجريم الانتماء للجماعات والأحزاب المتطرفة

تاريخ الموضوع : 25/2/2014 الموافق الثلاثاء 25 ربيع الثاني 1435 هـ | عدد الزيارات : 1644
 بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونصلي ونسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم وبعد :

فإن الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب ممثلةً في مجلس إدارتها وجميع أعضائها لَتَرفع لمقام خادم الحرمين الشريفين الشكر الجزيل والتأييد الكامل على هذه الرؤية الثاقبة والموقف الجاد والحازم من مصدر الإشكالات ومحاضن الإرهاب ومفرخة التهديدات المباشرة لأمن الأمة وسلامتها في عقيدتها وفكرها ولُحمتها ووحدتها , والمؤثر على مستقبلها بل ومستقبل الإسلام وسمعته وسمعة المسلمين .

إن قرار خادم الحرمين الشريفين بتجريم الانتماء للتيارات أو الجماعات - وما في حكمها - الدينية أو الفكرية المتطرفة يثمنه كل سلفي العقيدة , بل كل مسلمٍ سلم من الهوى ولوثاته .

كما أنه قرارٌ ينسجم مع مسيرة الدول الاسلامية العظيمة , وخلفاء وملوك المسلمين العظام في موقفهم من الانحرافات العقدية الخطيرة المؤثرة في لحمة الأمة وسلامتها , فقد بذل الخلفاء الغالي والنفيس في حماية وحدة الأمة من اللوثات الفكرية والانحرافات العقدية التي يصاب بها فئةٌ من المسلمين , فتتخذ طريقًا ومساراً يتصادم مع عقيدة الأمة بل ووحدتها وأمنها , لقد خط هذا المسار رسول الله rبقوله عن الخوارج : ((إن من ضئضئ هذا قوما يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد)) رواه البخاري ومسلم, ونفذه أصحابه من بعده , متقربين به إلى الله U, فقاتلوا الخوارج واستأصلوا شأفتهم في زمنهم , وكان على رأسهم الخليفة الرابع أبو السبطين علي بن أبي طالب t, ثم تتابع الخلفاء في هذا الأمر , لا يدخرون وسعا في حماية عقيدة الأمة ومكتسباتها من المفسدين والمناوئين لها .

وما قام به خادم الحرمين الشريفين هو متبعِ فيه لا مبتدِع , وهو وإن كان هذا الأمر معمولاً به فيمن أظهر صفحة الشر والإفساد من قبل إلا أن تجريم ذلك بقرارٍ ملكيٍّ كريم يضع النقاط على الحروف , ويعرف كل إنسانٍ من خلاله موقعه أهو في منظومة المصلحين والداعمين لمسيرة أمته ودينها ونهجها ووحدتها؛ أم أنه من منظومة المفسدين والمحاربين لدين الأمة ونهجها وعدو وحدتها ومن المتربص بها والمعينين عليها كل عدوٍّ حاقدٍ حاسد .

     إن القرار الملكي الكريم ينسجم مع نصوص الشرع ومقاصده العظمى؛ وهو وحدة الأمة واعتصامها بحبل الله والتزام الجماعة  وتحريم التحزُّب والتفرق , وليس في القرآن أمرٌ حذَّر منه الشارع بعد الشرك بالله أعظم من التفرق والتحزب والاختلاف , قال تعالى: " وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ - مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَالروم: ٣١ – ٣٢, وقال سبحانه: " شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ".. الشورى: ١٣, وغيرها من الآيات.

كما خصه النبي صلى الله عليه وسلم بمزيد من التأكيد والتجريم والتحريم ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (( إن الله يرضى لكم ثلاثًا ويكره لكم ثلاثًا , يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا , وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا ))رواه مسلم , وقوله عليه الصلاة والسلام : ((ثلاث لا يغل عليهن صدر مسلم إخلاص العمل لله عز وجل ومناصحة أولي الأمر ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم)) رواه الامام احمد وغيره , وقوله عليه الصلاة والسلام : (( لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض )) رواه البخاري ومسلم، وقوله عليه الصلاة والسلام : ((سيكون بعدي هنات و هنات فمن رأيتموه فارق الجماعة أو يريد أن يفرق بين أمة محمد وأمرهم جميع فاقتلوه كائنا من كان، يد الله على الجماعة وان الشيطان مع من فارق الجماعة)) اخرجه الطبراني في المعجم الكبير وأصله في مسلم بلفظ((إنه ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان)).

فلا شك أننا أمام موقفٍ ونهجٍ سلفيٍّ أصيل من ملكٍ هو حامي البلاد بعد الله U, ومرجعها الأول بعد الله U في وضع خارطة طريقها ومسارها ومسيرتها والمحافظة على نهجها من كل مفسد متهور وإزالة كل العوائق من طريق وحدتها وسلامة مسيرتها .

     فسِرْ يا خادم الحرمين الشريفين ونحن معك , فليست هذه بأول سهامكم على أهل الباطل , وليست بأول رايات الحق التي ترفعونها , فأنتم أهل للبر والخير والمكرمة , وفقكم الله ورعاكم وحفظكم من كل سوء, وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

عن الجمعية رئيسها : أ.د / سعود بن عبدالعزيز الخلف .

 

وفيما يلي نص الأمر الملكي:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الرقم: أ / 44

التاريخ: 3/ 4/ 1435هـ

بعون الله تعالى نحن عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، انطلاقاً من مقاصد الشريعة الإسلامية في حفظ الأمة، في دينها، وأمنها، ووحدتها، وتآلفها، وبعدها عن الفرقة، والتناحر، والتنازع، استهداءً بقول الحق سبحانه "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا"، وقوله جل وعلا "وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله " وقوله صلى الله عليه وسلم "من فارق الجماعة شبراً فارق الإسلام"

وتأسيساً على قواعد الشرع بوضع الضمانات اللازمة لحفظ كيان الدولة من كل متجاوز للمنهج الدستوري المستقر عليه في المملكة العربية السعودية، بما يمثل نظامها العام الذي استتب به أمنها، وتآلف عليه شعبها، تسير به على هدى من الله وبصيرة، تهدي بالحق وبه تعدل.

وانطلاقاً من واجبنا نحو سد الذرائع المفضية لاستهداف منهجنا الشرعي، وتآلف القلوب عليه من قبل المناهج الوافدة، التي تتخطى ضوابط الحرية في التبني المجرد للأفكار والاجتهادات إلى ممارسات عملية تخل بالنظام، وتستهدف الأمن، والاستقرار، والطمأنينة، والسكينة العامة، وتلحق الضرر بمكانة المملكة، عربياً وإسلامياً ودولياً وعلاقاتها مع الدول الأخرى بما في ذلك التعرض بالإساءة إليها ورموزها.

وبعد الاطلاع على المواد "11، 12، 36، 38، 39، 48 و55" من النظام الأساسي للحكم، الصادر بالأمر الملكي رقم (أ / 90 ) بتاريخ 27/ 8/ 1412هـ.

وبعد الاطلاع على الأنظمة والأوامر ذات الصلة وعملاً بقواعد المصالح المرسلة في فقهنا الشرعي وبناءً على ما تقتضيه المصلحة العامة، أمرنا بما هو آت:

أولاً: يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد على 20 سنة، كل من ارتكب، كائناً من كان، أياً من الأفعال الآتية:

1- المشاركة في أعمال قتالية خارج المملكة، بأي صورة كانت، محمولة على التوصيف المشار إليه في ديباجة هذا الأمر.

2- الانتماء للتيارات أو الجماعات - وما في حكمها - الدينية أو الفكرية المتطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية داخلياً أو إقليمياً أو دولياً، أو تأييدها أو تبني فكرها أو منهجها بأي صورة كانت، أو الإفصاح عن التعاطف معها بأي وسيلة كانت، أو تقديم أي من أشكال الدعم المادي أو المعنوي لها، أو التحريض على شيء من ذلك أو التشجيع عليه أو الترويج له بالقول أوالكتابة بأي طريقة.

وإذا كان مرتكب أي من الأفعال المشار إليها في هذا البند من ضباط القوات العسكرية، أو أفرادها، فتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، ولا تزيد عن ثلاثين سنة.

ثانياً: لا يخل ما ورد في البند "أولاً" من هذا الأمر بأي عقوبة مقررة شرعاً أو نظاماً.

ثالثاً: تسري على الأفعال المنصوص عليها في البند (أولاً) من هذا الأمر، الأحكام المنصوص عليها في نظام جرائم الإرهاب وتمويله الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/ 16 ) وتاريخ 24/ 2/ 1435هـ، بما في ذلك الأحكام المتعلقة بالضبط والقبض والاستدلال والتحقيق والادعاء والمحاكمة.

رابعاً: تشكل لجنة من وزارة الداخلية، ووزارة الخارجية، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ووزارة العدل، وديوان المظالم، وهيئة التحقيق والادعاء العام، تكون مهمتها إعداد قائمة - تحدث دورياً - بالتيارات والجماعات المشار إليها في الفقرة (2) من البند (أولاً) من هذا الأمر، ورفعها لنا، للنظر في اعتمادها.

خامساً: قيام وزير الداخلية بالرفع لنا (أولاً بأول) عن وقوعات القبض، والضبط، والتحقيق، والإدعاء للجرائم المنصوص عليها في البند (أولاً) من هذا الأمر.

سادساً: يعمل بما ورد في البنود السابقة من هذا الأمر بعد ثلاثين يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.

عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود

 

Bookmark and Share

إضافة التعليق