تفاصيل الموضوع

استدلال خاطئ

تاريخ الموضوع : 10/9/2009 الموافق الثلاثاء 14 ذو القعدة 1432 هـ | عدد الزيارات : 2294

استدلال خاطئ


       يستدل بعض أهل الأهواء والبدع بالحديث المتفق عليه عن الرسول عليه الصلاة والسلام الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال ناس يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ فقالوا: لا يا رسول الله قال: فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك، يجمع الله الناس فيقول: من كان يعبد شيئاً فليتبعه فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون فيقول: أنا ربكم فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا أتانا ربنا عرفناه، فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفونها فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا فيتبعونه ويضرب جسر جهنم"(*) على أن الله تعالى وراء كل الصور ومن وراء كل شيء، وأنه ليس أي شيء، حتى يصلوا بقولهم إلى عقيدة الحلول والاتحاد، فيزعمون أن الله يجمع الناس ويظهر لهم فينكرونه، ويظهر لكل أمة بصورة لا تعرفها فتنكره فيعود فيظهر لهم فيما لا يخطر على بالهم من الصور والأشكال مما يدهش ويبهر ليعلمهم أنه من وراء كل الصور، ومن وراء كل شيء وأنه ليس أي شيء.فهذا الذي يزعمه أهل الأهواء والبدع هو الحلول العام، فإن معنى قولهم إن الله - تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً – يظهر لكل أحد في صورة معبود، فيظهر لعُباد الأصنام في شكل أصنامهم، ولعُباد النار في صورة نيرانهم، ولعُباد البقر في شكل العجول لأنه وراء كل الصور، ومن وراء كل شيء .....فزعمهم هذا باطل وليس له أي محل أو نصيب من الصحة بل هو من باب التلبيس والتمويه من عدة وجوه:-

(1) أن قولهم إن الله يظهر لكل أمة بصورة لا تعرفها فتنكره  وإنه يظهر لكل أمه بالصورة التي عبدوه عليها ويعود فيظهر لهم فيما لا يخطر على بالهم من الصور والأشكال، فهذا كله باطل، إذ ليس في الحديث أي استدلال ألبته على أنه يظهر لكل أمة على الإطلاق، بل يظهر لأمة التوحيد، وليس فيه أنه يظهر لهم في صور المعبودات.

(2) أن هذا التجلي للرب سبحانه وتعالى لن يكون إلا في الآخرة وأهل الأهواء القائلون بالحلول يدينون بتلبسه بالصور في الدينا، ولا دليل لهم على زعمهم.

(3) يزعمون أن الله سبحانه وتعالى عين كل شيء، والحديث يثبت وجود قوم مؤمنين وكافرين ومنافقين، فإذا سلمنا جدلا بفكر هؤلاء المبتدعة كان الرب هو الكافر والمنافق – تعالى ربنا سبحانه عن قولهم علواً كبيراً – لأنه عندهم عين كل شيء، وبطلان هذا المعتقد واضح جلي.

(4) لم يوضح الحديث كيفية الصورة الأولى، أما الصورة الثانية فعرَّفها الحديث بأنها هي التي يعرفونها، وهذا ينقض قولهم: إنه يظهر لكل أحد في صورة معتقده، كما يبطل قول من قال: إن الرب عين كل شيء.

(5) يثبت الحديث أن الله تعالى تجلى للمؤمنين مرتين، أما هم فيدينون بتجلي الرب عز وجل فيما لا يتناهى من الصور في آن واحد.

(6) إن الحديث بمنطوقه يوضح كذبهم وافتراءهم بأن الله يتجلى للعباد في كل الأوقات والحديث يتعلق برؤية الرب في الآخرة. وبذلك ظهر أن استدلالهم بالحديث استدلال خاطىء ليس له أي أساس من الصحة.

(*) البخاري، كتاب الرقاق، باب الصراط 4/204، ومسلم كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية 1/113.)

 د. عفاف بنت حسن مختار أ. مساعد مادة العقيدة قسم الدراسات الإسلامية كلية التربية للبنات بجدة /الأقسام الأدبية

Bookmark and Share

إضافة التعليق