تفاصيل الموضوع

مناظرة أم مجرد إثارة?!

تاريخ الموضوع : 23/12/2012 الموافق الأحد 10 صفر 1434 هـ | عدد الزيارات : 2080

مرت ثلاث جلسات للمناظرة المعلنة في قناة وصال بين الدكتور إبراهيم الفارس، والأستاذ حسن فرحان المالكي، وإدارة الأستاذ خالد الغامدي في موضوع (الصحبة والصحابة).

وقد تمكنت من مشاهدة بعض الحلقة الأولى، والثانية كاملة، ولم أستطع إكمال مشاهدة الحلقة الثالثة، فقد أحزنني جداً ما رأيت وسمعت، من تلويث لمذهب أهل السنة وإثارة الشبه حوله، والتشكيك في أفضل خلق الله بعد نبي الله صلى الله عليه وسلم، أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين آزروه ونصره واتبعوا النور الذي أنزل معه.

يقول ابن مسعود رضي الله عنه: «إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه» [أخرجه أحمد وغيره، وصحح إسناده أحمد شاكر].

وللأسف يحصل هذا على بساط أهل السنة، في قناة سنية، على مرأى ومسمع من الملايين من أهل السنة، متعلميهم وعوامهم، يرمى بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكفر، والنفاق، والزندقة، ثم تمر هذه الضلالات بحجة الحيادية والبحث والمناظرة! فأبو سفيان كافر، وابنه معاوية كاتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم منافق في الدرك الأسفل من النار، هكذا يطلقها المالكي، بل الخميني الذي يقول: "إن لأئمتنا منزلة لا يصلها ملك مقرب ولا نبي مرسل" أفضل عنده بكثير من معاوية.

يالله أي مكانة للصحابة حفظناها، وأي وصية للنبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه عملنا بها، يسب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن ينتسب إلى بلاد التوحيد، ويزعم أنه من أهل السنة، بل من السلف -لكن بمفهوم آخر كما يقول- وقد قال صلى الله عليه وسلم (لا تسبوا أصحابي) ثم تكمل المناظرة وتستمر بحجة الحيادية، والمدارسة والمباحثة، بئست المدارسة هذه وهزلت، عتبي كبير على هذه القناة المباركة التي استطاع حسن المالكي اختراقها، وإسماع جمهورها ما يشككهم في نقلة الشريعة وحماة الملة، وقد قال صلى الله عليه وسلم (أصحابي أمنة لأمتي)، هل أصبحت مجرد الإثارة الإعلامية هدفا يقصد، حتى لو كانت على حساب مسبة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم !!.

نعم لقد انتصر المالكي في هذه المناظرة، ومن أول حلقة فيها.

- انتصر حينما استطاع أن يقول في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقله أحد ممن ينتسب إلى أهل السنة على مرأى ومسمع الملايين، فكونه أطلق الكفر والنفاق والردة على بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتستمر المناظرة معه، والمحاورة له، ومحاولة إقناعه بخطئه في ذلك مما يجعله يزيد في عرض الشبه وتكريسها، هذا بحد ذاته انتصار له.

ألا يخشى الإخوة في قناة وصال أن تألف قلوب ومسامع أهل السنة أو بعضهم أمثال هذا الطعن، وعوامهم قد لا يعرفون من مذهب الرافضة إلا أنهم يطعنون في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما الفرق بيننا وبينهم إذاً!!.

- عرَّفت وصال بحسن فرحان المالكي بأنه باحث شرعي، وإفساح المجال له في مثل هذه المناظرة يشعر أن له من المكانة العلمية والأتباع ما يستحق أن يناظر ويجادل، والحق أن الرجل لم يُعرف إلا بالتشكيك في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمة أهل السنة، بل ومصادر السنة النبوية كصحيحي البخاري ومسلم وغيرهما، فعندما  تظهره القناة بهذه المكانة والمنزلة، وليس له جمهور يستمعون إليه، بل غالب المشاهدين لم يعرفوه من قبل ولم يسمعوا به، هذا بحد ذاته انتصار ثان له، وربما صنعنا له جمهوراً من حيث لا نشعر.

ورحم الله الإمام الدارمي عندما رد على المعارض في كتابه النقض، ولم يسمه، مما أعجز الباحثين عن معرفته، أما نحن في مثل هذه المناظرات فإننا نروج لأهل البدع ونعرف بهم، والله المستعان.

إن مجرد خروجه في مثل هذه القناة، للحديث عن مذهبه ومعتقده في هذا الموضوع (الصحبة والصحابة) انتصار كبير له، وفشل ذريع للقناة، وهل تقبل قناة شيعية في إيران عرض مناظرة يشكك فيها أحد الطرفين بإسلام الخميني مثلاً، فضلاً عن علي رضي الله عنه !!.

-ظهر المقدم وفقه الله بعدم الحيادية والإنصاف، والانحياز الظاهر لفضيلة الدكتور إبراهيم الفارس، والسبب واضح وهو أن الدكتور الفارس يعبر عن مذهب أهل السنة في هذا الباب، وهو ما يعتقده المقدم، وعليه فهو مضطر لموافقته والوقوف معه، وهذا يعني فشل المناظرة، أو الحيادية بمعنى أدق، لأن المقدِّم أو مدير الحوار يفترض فيه الحيادية التامة، والذي ظهر للمشاهد أن ثمة تحيزاً لطرف، وتحاملا على الطرف الآخر، شاء المقدم أم أبى، وهذا ما يعد انتصاراً ثالثاً للمالكي.

والواجب هنا إيقاف المناظرة باعتبار مصادمتها لثوابت ومسلمات عند أهل السنة، ومكان هذه المناقشات ورد هذه الشبه والضلالات الجلسات الخاصة، بعيداً عن مسامع العوام الذين ربما تتمكن منهم هذه الشبه.

وهذه الانتصارات التي ذكرتها ليست انتصارا للمالكي على أنه المحق، وإنما انتصار له في تمرير باطله، ومعتقده الفاسد بكل يسر وسهوله، وذلك على أيدينا نحن وللأسف الشديد.

وثمة أشياء أخرى تتعلق بالمتناظرين ومنهجيهما وأسلوبيهما في المناظرة، آثرت عدم الإطالة بذكرها.

وقد كتبت هذا المقال على عجل مطالباً القناة، والمقدم وفضيلة الدكتور إبراهيم الفارس حفظه الله بإيقاف هذه المناظرة وعدم الاستمرار فيها، والتي لو كانت الغلبة في النهاية للدكتور الفارس فلن يعدم الطرف الآخر منها ما تقدم ذكره، فضلاً عن التشكيك والتلبيس على عامة الناس في خير القرون وأفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والذين لا ندعي لهم العصمة لكن في الوقت نفسه لا يجوز لنا الحط من قدرهم، أو رميهم بما هم بريئون منه، أو جعل قنواتنا جسوراً تعبر من خلالها البدع والضلالات، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد. 


أ.د. سليمان بن محمد الدبيخي.

 

 

 

Bookmark and Share

عرض التعليقات

  • تنبيه مهم
    أدخل بواسطة : د احمد محمد بناني | تاريخ التعليق : 23/12/2012 06:47:18 PM | بلد المعلق : مكة المكرمة

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد فقد أصاب فضيلة الدكتور سليمان في ملاحظاته التي سطرها في مقاله إذ لا يصح أن نعطي مثل هؤلاء الفسقة فرصة للنيل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على مرأى ومسمع من المسلمين وفي قنوات تتبنى الدفاع عن مذهب أهل السنة والجماعة ولو كان مدير الحوار خبيرا بإدارة الحوار مع المخالفين كما كان بفعل في قناة المستقلة لما أتاح الفرصة لهذا المخذول أن ينشر سمه بحجة الحياد بل كان عليه أن يحرجه بأسألة تكشف فساد معتقده فليس كل شخص مؤهل لمثل هذا العمل الخطير وأرجو أ يكون هذا درسا لهذه القناة وغيرها لتلافي مثل هذا التقصير في المستقبل وجزى الله الدكتور خير الجزاء على غيرته والله الموفق


  • أهم النصيحة
    أدخل بواسطة : عبد الشكور بن أحمد | تاريخ التعليق : 23/12/2012 01:59:41 PM | بلد المعلق : تايلند

    أشكر الأستاذ الدكتور على هذه النصيحة القيمة ، وأتمنى من المشايخ الفضلاء في هذه الجمعية المتخصصين في هذه الفن أن يقفوا أمام أعداء الإسلام ويردون عليهم ويبين الحق من الباطل لعوام المسلمين مثلي وأمثالي و الأهم عندي هو النصيحة لصغار الطلبة عن مناظرة علماءهم حتى لا يشككون على العوام ، وأسأل الله أن يمدكم يد العون في خدمة الإسلام والمسلمين.


  • لا فض فوك
    أدخل بواسطة : سعود | تاريخ التعليق : 24/12/2012 01:59:31 PM | بلد المعلق : المدينه

    شكر الله لكم فضيلة الدكتور وهي ملاحظات جوهريه والمالكي نكرة لايستحق ان يناظر من احد عوام اهل السنه فضلا عن فضلائهم وطلبة علمهم والتجريح والكذب والتلبيس فن يحسنه هؤلاء والعامي البسيط قد لا يستطيع ان يميز وهنا تكمن المشكله والدور الذي يحاول هولاء المجرمون تمريره على اهل السنة والا لونظر هذا الحاقد في جعبته وشيوخه وائمته ومراجعه ما عدا علي رض الله عنه وابنيه وبعض السلسلة التي يدعيها هولاء الضلال لم يجد سوى مغموز في دينه ومهموز في خلقه وامانته ثم يحاول أن يناطح الجبال الشامخه ووالاوتاد الراسخه والشموس الساطعه والائمة الكمل في المقياس البشري امثال هولاء النكرات الذين بضاعتهم الكذب ودثارهم الحقد والحسد والغل على سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وعلى اصحابه الذين هم غرر الزمان ودرره بل وشموسه والا فما ينقمون من اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الا أن بذلو نفوسهم واموالهم وكل غال ورخيص في سبيل هداية الناس وايصال الرسالة المحمديةونحن نعيش وكل مسلم في ظلال جهادهم ونقطف ثمار بذلهم ودعوتهم ومن ضمن من يقطف ذلك عموم من ينتسب للاسلام صدقا اوكذبا فكل خير ديني نحن فيه فهو ثمرة جهادهم ودعوتهم وكل خير دنيوي نحن فيه فهو ثمرة لديننا @ أولئك أبائي فجئني بمثلهم & يالكع بن لكع والا فالنار والمقامع@جزاء ربي لكل كذاب وباهت & لمن زكاهموا ربي وهو الكافي المانع@


إضافة التعليق